والخبر الموضوع في اصطلاح المحدثين، هو الحديث المختلق المصنوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إسنادا ومتنا[1]. وهو مستفاد من المعنى اللغوي في إفادة بناء سياقه وخلقه والإسراع في إلقائه لإبرازه أملا في اعتباره.
ويستحق مرتكبه الطرح للفظه والإلقاء لمعناه ويستوجب الضعة في الدنيا والخسر في الآخرة للوعيد الشهير الشديد الوارد في قاصده عياذا بالله تعالى.
وهو من جهة الدلالة على الإنشاء الذي لم يخرج من النبي صلى الله عليه وسلم وعلم يقينا أنه لم يتصل به؛ ولذلك سمي موضوعا؛ لأنه لا يستحق إلا الطرح كما يوضع الشيء الحقير الذي يأبى وضعه الرفع، وسمي موضوعا لكون المختلق أنشأه إنشاءا، وأخرج منه إخراجا، دفعته الرغبة في الدنيا ومتعلقاتها إلى إسناده إلى غيره زورا يعظم الإثم فيه بادعاء انتهائه بألفاظه وما تحمل من معان إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الموضوع نوعان
نوع يتقصده صاحبه، ويتعمده قائله، من أجل تحقيق رغبة من الناس يريدها، أو حاجة ممن وضعه له يبتغيها.
وقد كُشف حال مثل هؤلاء إما بإقراره، أو بما هو في معنى إقراره، أو قرينة تدل عليه، أو زندقته.
وقد ينبعث الشقي للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إما تزلفا لأولياء أمره، أو تجويدا للقصص لجلسائه، أو انتصارا لمذهبه، أو ترويجا لما يستحسن من كلام غيره، أو انتصارا لمضلات أهوائه، أو مباركة لتصرف من يجود عليه من أغنياء زمانه، أو إعلاء لأسانيد روايته تشبعا بما لم يصل إليه..
ونوع يضع دون علمه، ويصنع في غياب قصده، ويمثله:
من كبر وغلب عليه الصلاح والعبادة، وغفل عن الحفظ والتمييز، فإذا حدث جعل كلام غير النبي صلى الله عليه وسلم كلاما له؛ ومن اختلط في آخر عمره حتى لم يكن يعقل ما يحدث؛ ومن كان يجيب عن كل شيء يسأل فلا يبالي أن يتلقن ما لقن؛ ومن امتحن بابن سوء، أو وراق سوء، كانوا يضعون له الحديث وقد أمن الشيخ ناحيتهم، فكانوا يقرؤون عليه، ويقولون هكذا حديثك فيحدث به..
ومن معاني الموضوع: المختلق، والمخلوق، والمأفوك، والمردود، والمتروك، والعديم الأصل، والمنكر، والمخترع، والمصنوع، والباطل، والمطروح، والشنيع، وأورد هذا الأخير ابن عراق الكناني في كتابه: تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة والموضوعة.
حكم رواية الحديث الموضوع
المتفق عليه بين نقاد أهل العلم، أنه لا تحل رواية الخبر الموضوع بصريح النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين[2].
ولا يجوز أن يُسْمَع الموضوع عند أهل العلم إلا بشرطين ضروريين:
الأول: أن يُروى لأهل الصناعة من أهل السبر العالمين برتب الأخبار، القادرين على التمييز بين مقامات رجال الآثار لبيان سوء سياقه، والتنديد بخسة رواته.
والثاني: ألا يروى إلا مع التنصيص على أنه موضوع، لتحصل البراءة من الحنث العظيم الذي نص عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين.