الضعيف لغة من الضعف خلاف القوة.[1]
واصطلاحا: هو كل حديث لم يجتمع فيه صفات الحديث الصحيح، ولا صفات الحديث الحسن.[2]
والضعيف مصطلح جامع لكل عيب يطرأ على شروط الصحة الذاتية الخمسة الأساسية، المجتمعة كما في تعريف الصحيح: في الاتصال، والعدالة، والضبط، والسلامة من الشذوذ، والبراءة من وجود علة خفية قادحة.
الحديث الذي فقد شرط الاتصال
- إما أن يكون معلقا حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر؛
- وإما أن يكون معضلا، إذا تحقق السقط بشخصين بشرط التتابع، سواء أكان في أول السند أو وسطه أو منتهاه ويسمى منقطعا عند بعضهم ومرسلا عند بعض[3]؛
- وإما أن يكون مرسلا واقعا على حديث التابعي الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم وسائر التابعين الذين صح لهم لقاء جماعة من الصحابة ومجالستهم.. ومثله أيضا مما يجرى مجراه عند بعض أهل العلم مرسل من دون هؤلاء ..عن النبي صلى الله عليه وسلم يسمونه مرسلا كمرسل كبار التابعين[4]؛
- وإما أن يكون مدلسا تدليسا يشمل كتم الراوي لسماعه، وتصرفه في اسم من يروي عنه بغير ما هو معروف به. أو يتقصد فيه حذف الضعيف بين ثقتين وقع بينهما سماع ـ أي بين شيخ المدلس وشيخ شيخه ـ، وهو الذي يسميه أهل الاصطلاح بتدليس التسوية.
- وإما أن يكون الضعف من جهة اختلال وصف العدالة؛ ومن أظهر عيوب العدالة: الكذب العمد، والتهمة بالكذب بالتفرد بما لا يجوز مثله أو بسبب رواية ما يخالف المعروف من ضرورات الشريعة. ومن المصطلحات الحديثية المبينة عن هذه العيوب: الموضوع، والمتروك، والمنكر.
الموضوع
هو ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الكلام الذي علم يقينا أنه لم يخرج منه؛ وله في استعمالات النقاد المعتنين بالاصطلاح جملة من الإطلاقات منها: المنكر والباطل وما لا أصل له.
وقد يعبر عن الموضوع أحيانا بالمكذوب والمختلق والمأفوك والمخترع والمصنوع والمطروح والشنيع.
المتروك
هو الحديث الذي يتهم فيه راويه بما يوجب رد حديثه، ويفرض رفض الاحتجاج بطريقه، بسبب غلبة مخالفاته، أو أداء ما يخالف الدين في غاياته، ويباين مشهور أحكامه الواردة من طريق من لا يجوز خلافه.
المنكر
حدد الإمام مسلم دلالته في مقدمة صحيحه بقوله: وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها.
وإما أن يكون الضعف من جهة اختلال وصف الضبط الناتج عن فرط الغفلة، أو كثرة الغلط، أو المخالفة للثقات، أو شدة الوهم.
ومن المصطلحات الدالة على ذهاب وصف الضبط: المصحف، والمضطرب، والمقلوب..
المصحف
هو الحديث الذي يتغير فيه نقطه أو حركته عن أصله الذي هو عليه مع بقاء رسم الخط عريا من الضبط المحدد لصحة المخرج؛ ويكون في الغالب بسبب إهمال ضبط الأصول، أو تشابه الحروف وتساويها عددا مع إهمال النقط، أو خداع السمع، أو الجهل بغريب كلام العرب، أو بأسماء البلدان والأعلام، والجهل بمصطلحات العلوم..
المضطرب
هو الحديث الذي يروى من وجه واحد، ويؤديه الصدوق الذي تجزأ ضبطه على أوجه مختلفة اختلافا بينا لا يترجح للناقد أي وجه منها.
المقلوب
هو الذي وقع فيه تقديم أو تأخير أو تغيير أو تبديل إما في الإسناد بجعل اسم الراوي لأبيه، أو اسم الابن لأبيه... وهو الأكثر أو بإبدال راو اشتهر الحديث بروايته براو آخر في طبقته، أو إبدال إسناد بإسناد.
وهو عنوان اختلال الضبط كليا أو جزئيا، الناتج عن سوء في السماع، أو تقصير في تعاهد المسموع، أو غفلة في التثبت عند السماع، أو تسامح أوجب اختلالا في الأصل المكتوب.
وإما أن يكون الضعف من جهة وقوع الشذوذ في الحديث علم ـ في الأشهر ـ على ما يخالف فيه المقبول من هو أرجح في حفظه منه؛ وما تخالف معاني ألفاظه ما لا يحتمل خلافه من صريح الآي ومحكم الأحاديث وصحيح المقاصد والمسلم به من القواعد، والمعروف من السنن.
ولا يقتصر عند مالك على مخالفة الأداء لمن هم أكثر دلالات بالإصابة من غيرهم بل يدخل في الشاذ ما يكون معناه مخالفا لما عليه العمل المتوارث عن فقه الصحابة المشهود لهم بالحرص على الموافقة والفهم الجيد لمعاني الوحي؛ ولذلك كان إذا بلغه حديث يخالف العمل يقول: إن العمل ببلدنا ليس عليه وليس صاحبه بذلك [5].
وأما الضعيف من جهة وقوع العلة القادحة فيه؛ فهو الحديث الذي اطلع فيه على عيب خفي يقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها.
وتلقانا العلة على صور متعددة، منها صور تتعلق بتصرف الراوي في نظام الإسناد مثل:
رفع الموقوف؛ أووقف المرفوع؛ أوصل المرسل؛ وإرسال الموصول؛ أو رفع المرسل؛ أو رفع المقطوع؛ أوقطع المرفوع؛ أورفع المقطوع.
ومنها صور تتعلق بإبدال راو براو آخر مثل: إبدال راو براو آخر بسبب طروء الوهم أو تشابه الاسم؛ أوإبدال راويين عرف الحديث بهما بآخرين لا يعرف الحديث من طريقهما؛ أو حسبان الأب في اسم المنسوب ابنا والابن أبا على جهة القلب وخلط نظام الاسم؛ أو أن يكون الحديث معروفا من طريق أحد المجاهيل فيعمد أحد الرواة على جهة الخطأ فيسميه موهما تسلسل إسناده بالمعروفين.
وصور تعلق بتصرف الراوي في إسناد الحديث بالتدليس فيه لكتم حقيقة حاله مثل: كتم سماع المدلس؛ أورواج تدليسات الراوي عن شيخه الذي ثبت سماعه منه بسبب عدم تحقيق أسمعته وتميز الثابت منها عن غيره.
ومنها صور تتعلق بقصور حفظ الراوي وضيق اطلاعه مثل: أن يروي الراوي عمن لقيه ولم يسمع منه ما لم يسمع منه فيظن من يغتر بمطلق اللقاء أن عنعنته عنه سماع؛ أو أن يكون للراوي متنين بإسنادين مختلفين فيرويهما جميعا بإسناد أحدهما؛ أو إبدال متن إسناد بمتن آخر غيره علم عند أهل الرواية أنه لم يسنده أحد من طريق رجاله؛ أو أن يسمع متونا متعددة فيرويها جميعا مقترنة بإسناد واحد علم أنه لم يرتبط به أعدادها؛ أو اعتقاد الراوي منسوبا إلى بلد ما وهو معروف في أفراد غيره فيعل به من يرى ضعف حديث من يروي عن أهل بلده الذين اعتقد أنه من أفرادهم؛ أو حسبان التابعي أحد أفراد الأصحاب؛ أو دخول حديث في حديث؛ أو حمل الحديث على من دار عليه من الضعفاء وحقيقة حاله في بعض الطرق بخلاف ذلك؛ أو تفرد الثقة المتوسط ببعض لفظ الحديث وعدم متابعة غيره من الثقات له عليه؛ أو أن يفترق متن راويين أسنداه من طريق واحدة في بعض اللفظ فينفرد أحدهما عن الآخر به فيجمع ذلك كله لأحدهما من تختلط عليه الألفاظ فيرويه دون تمييز الفروق؛ أو أن يقرن راو براو في الإسناد لم يعلم عند أهل النقد اشتراكهما في السماع من ذاك الشيخ الذي قرنا فيه بعينه.