السلام عليكم وفقكم الله مامدى صحة الاثر الذي حكاه صاحب الثمر الداني في شرح الرسالة عن ابن حبيب والذي جاء فيه وقال الفاكهاني: قال ابن حبيب: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد رقي المنبر فجلس ثم يؤذن المؤذنون وكانوا ثلاثة يؤذنون على المنار واحدا بعد واحد فإذا فرغ الثالث قام النبي صلى الله عليه وسلم للخطبة
صح عند أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للجمعة مؤذنين، ـ بلفظ الجمع ـ لروايات وقعت لثقات المسندين يفيد ظاهرها ذلك. منها ما رواه مالك، عن ابن شهاب، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب، يصلون يوم الجمعة، حتى يخرج عمر. فإذا خرج عمر، وجلس على المنبر، وأذن المؤذنون - قال ثعلبة - جلسنا نتحدث. «فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب، أنصتنا، فلم يتكلم منا أحد» قال ابن شهاب: فخروج الإمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام. 1 وما رواه عبد الرزاق عن بن جريج قال: أخبرني محمد بن عمر بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوم الجمعة إذا استوى على المنبر يجلس فإذا جلس أذن المؤذنون فإذا سكتوا قام يخطب فإذا فرغ من الخطبة الأولى جلس ثم قام فخطب الخطبة الآخرة.2 وأسند أبو يعلى الموصلي عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، قال: لما زالت الشمس صعد عمر المنبر وأذن المؤذنون، فخطب، فحمد الله وأثنى عليه.3 وقد أورد الإمام الشافعي في كتابه الأم ما يدل على صحة الإذن بذلك لتعظيم قدر الجمعة، وتأكيد خصوصيتها، وتحقيق القصد من الأذان في توسيع دائرة الإبلاغ في قوله: ولا بأس أن يتكلم والإمام على المنبر والمؤذنون يؤذنون وبعد قطعهم قبل كلام الإمام، فإذا ابتدأ في الكلام لم أحب أن يتكلم حتى يقطع الإمام الخطبة الآخرة، فإن قطع الآخرة، فلا بأس أن يتكلم حتى يكبر الإمام.4 وأحب أن يكون المؤذنون اثنين لأنه الذي حفظناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلال، وابن أم مكتوم؛ فإن كان المؤذنون أكثر، أذنوا واحدا بعد واحد. 5 وقوى ذلك الإمام بن الحاج محمد المالكي في قوله في كتابه المدخل: إن السنة في أذان الجمعة إذا صعد الإمام على المنبر أن يكون المؤذن على المنار كذلك كان على عهد النبي وأبي بكر وعمر وصدرا من خلافة عثمان رضي الله عنهم وكان المؤذنون ثلاثة يؤذنون واحدا بعد واحد.6 (1 الموطأ 1/103 ٬ 2 مصنف عبد الرزاق 3/188 ٬ 3 مسند أبي يعلى 1/141 ٬ 4 الأم 1/347 ٬ 5 مختصر المزني 15 ٬ 6 المدخل لابن الحاج)
البحث