ما معنى حديث السعيد من سعد في بطن امه وما مدى صحته
الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الصغير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «السعيد من سعد في بطن أمه» وصححه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء وكذا ابن حجر وغيرهما. والمعنى أن السعادة مقدرة للسعيد وهو في بطن أمه، والشقي مقدر شقاوته وهو في بطن أمه، وتقدير الشقاوة له قبل أن يولد لا يخرجه عن قابلية السعادة، وكذا تقدير السعادة له قبل أن يولد لا يمنعه من قابلية الشقاوة، قال الطبرى رحمه الله: إن الله لم يزل عالما بمن يطيعه فيدخله الجنة، وبمن يعصيه فيدخله النار، ولم يكن استحقاق من يستحق الجنة منهم بعلمه السابق فيهم، ولا استحقاقه النار لعلمه السابق فيهم، ولا اضطر أحدا منهم علمه السابق إلى طاعة أو معصية، ولكنه تعالى نفذ علمه فيهم قبل أن يخلقهم، وما هم عاملون وإلى ما هم صائرون.. فأخبر أنه أثاب أهل طاعته جنته بطاعتهم، وجازى أهل معصيته النار بمعصيتهم إياه، ولم يخبرنا أنه أدخل من أدخل منهم النار والجنة لسابق علمه فيهم، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) أن كل فريق من هذين مسهل له العمل الذى اختاره لنفسه، مزين ذلك له كما قال تعالى: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه فى قلوبكم). وأما أهل الشقاء، فإنه زين لهم سوء أعمالهم لإيثارهم لها على الهدى كما قال تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون)، وكما قال تعالى: (أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسنا).
البحث