السؤال

ليلة النصف من شعبان

السلام عليكم ورحمة الله، ما درجة هذا الحديث الذي روي أنه قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة"؟ وجزاكم الله خيرا

الإجابة

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحديث الذي ورد السؤال عنه أخرجه أبو بكر الدينوري في كتابه المجالسة وجواهر العلم بإسناده عن راشد بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى يطلع إلى عباده ليلة النصف من شعبان؛ فيغفر لخلقه كلهم؛ إلا المشرك والمشاحن، وفيها يوحي الله تبارك وتعالى إلى ملك الموت لقبض كل نفس يريد ‌قبضها في تلك السنة". وهو مرسل كما قال السيوطي في الجامع الصغير، لأن راشد بن سعد ليست له صحبة. لكن للحديث بعض الشواهد على ما تضمنه من المعنى الأول خاصة الذي هو مغفرة الله لخلقه إلا المشرك والمشاحن. ومن شواهده ما أخرجه الترمذي بإسناده عن الحجاج بن أرطاة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عائشة، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت، فإذا هو بالبقيع، فقال: "أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله"، قلت: يا رسول الله، إني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: "إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب". قال الترمذي: «وفي الباب عن أبي بكر الصديق، حديث عائشة لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الحجاج، وسمعت محمدا يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج بن أرطاة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير». وله شاهد من حديث معاذ بن جبل، أورده ابن حبان في صحيحه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يطلع الله إلى خلقه في ‌ليلة ‌النصف ‌من ‌شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك، أو مشاحن". وهذا حسن في أقل أحواله. وأما المعنى الثاني الذي هو تدبير أمر الأرواح، فقد ورد فيه ما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب فضائل رمضان بإسناده عن عكرمة، في قوله تعالى: ﴿فيها يفرق كل أمر حكيم﴾ قال: "‌ليلة ‌النصف ‌من ‌شعبان، يدبر أمر السنة، وتنسخ الأموات من الأحياء، ويكتب الحاج، فلا ينقص منهم ولا يزيد فيهم أحد". وأحاديث ليلة النصف من شعبان ضعيفة في عامتها، لكن كثرتها وتعدد مخارجها يقويها، كما يقويها كذلك تعظيم المسلمين لها في بلدان كثيرة منها مكة والشام وغيرهما، قال الفاكهي في أخبار مكة: «وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم إذا كان ‌ليلة ‌النصف ‌من ‌شعبان، خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد، فصلوا، وطافوا، وأحيوا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام، حتى يختموا القرآن كله، ويصلوا..».