ما هي اسباب وضع الحديث ؟ وكيف بعرف علماء الحديث بان هذا الحديث موضوع ؟
أسباب وضع الحديث كثيرة ومتنوعة منها: أولا: قصد إفساد دين الإسلام، وقد تولى كبر ذلك الزنادقة والملحدون، وفي ذلك يقول حماد بن زيد: «وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألف حديث». ثانيا: نصرة الرأي والمذهب مما هو من المذاهب الفاسدة التي يتزعمها أهل البدع والأهواء. ثالثا: التكسب لأجل الارتزاق برواية الموضوعات وقد عرف بذلك القصاصون والمداحون. رابعا: التقرب إلى الأمراء والسلاطين عن طريق وضع أحاديث تناسب أحوالهم وأوضاعهم، ومن ذلك ما رواه ابن الجوزي في الموضوعات عن أحمد بن زهير قال: سمعت أبي يقول: قدم علي المهدي بعشرة محدثين فيهم غياث ابن إبراهيم، وكان المهدي يحب الحمام، فقال لغياث: حدث أمير المؤمنين. فحدثه بحديث أبي هريرة: "لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل"، وزاد فيه: أو جناح. فأمر له المهدى بعشرة آلاف درهم. فلما قام قال المهدي: أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما استجلبت ذلك أنا. وأمر بالحمام فذبحت. خامسا: الجهل بالدين مع ابتغاء الأجر، وذلك بوضع أحاديث من طرف بعض العباد والزهاد في فضائل بعض سور القرآن الكريم ظنا منهم أنها من فضائل الأعمال، حتى قال بعضهم: «قصدت أن أشغل الناس بالقرآن عن غيره» وقال بعض جهلاء الوضاعين في هذا النوع: «نحن نكذب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نكذب عليه». هذا وقد لخص الإمام السيوطي تلك الأسباب في ألفيته حيث قال: ٢٥٩ - وَالْوَاضِعُونَ: بَعْضُهُمْ لِيُفْسِدَا…دِينًا، وَبَعْضٌ نَصْرَ رَأْيٍ قَصَدَا. ٢٦٠ - كَذَا تَكَسُّبًا، وَبَعْضٌ قَدْ رَوَى … لِلْأُمَرَاءِ مَا يُوَافِقُ الْهَوَى ٢٦١ - وَشَرُّهُمْ صُوفِيَّةٌ قَدْ وَضَعُوا…مُحْتَسِبِينَ الْأَجْرَ فِيمَا يَدَّعُوا ٢٦٢ - فَقُبِلَتْ مِنْهُمْ رُكُونًا لَهُمُ … حَتَّى أَبَانَهَا الْأُلَى هُمُ هُمُ ٢٦٣ - كَالْوَاضِعِينَ فِي فَضَائِلِ السُّوَرْ…فَمَنْ رَوَاهَا فِي كِتَابِهِ فَذَرْ. وأما ما يعرف به الوضع فقد ذكر المحدثون في ذلك أمورا منها: 1ـ إقرار الواضع به، كاعتراف أبي عصمة نوح بن أبي مريم الملقب بالجامع على ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة. 2ـ بما يشابه الإقرار ويتنزل منزلته، قال العراقي: «كأن يحدث بحديث عن شيخ، ويسأل عن مولده، فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله، ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده، فهذا لم يعترف بوضعه، ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع؛ لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عن ذلك الشيخ، ولا يعرف إلا برواية هذا عنه». 3ـ ركة المروي لفظا ومعنى، ومما يرجع إلى ركة المعنى الإفراط بالوعيد الشديد، على الأمر الصغير أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير، وهذا كثير في حديث القصاص. كما نقل ذلك ابن عراق في تنزيه الشريعة عن شيخ شيوخه البرهان البقاعي. 4ـ المخالفة للدلائل القطعية من الكتاب والسنة والإجماع. وغير ذلك من القرائن كالتفرد بما من شأنه أن تتفق الدواعي والأسباب على نقله، وقد أجمل القول في تلك القرائن والعلامات الإمام السيوطي في ألفيته حيث قال: ٢٥٢ - إِمَّا بِالاِقْرَارِ، وَمَا يَحْكِيهِ ... وَرِكَّةٍ، وَبِدَلِيلٍ فِيهِ ٢٥٣ - وَأَنْ يُنَاوِى قَاطِعًا وَمَا قُبِلْ ... تَأْوِيلُهُ، وَأَنْ يَكُونَ مَا نُقِل ٢٥٤ - حَيْثُ الدَّوَاعِي ائْتَلَفَتْ بِنَقْلِهِ ... وَحَيْث ُلا يُوجَدُ عِنْدَ أَهْلِهِ ٢٥٥ - وَمَا بِهِ وَعْدٌ عَظِيمٌ اْوْ وَعِيدُ ... عَلَى حَقِيرٍ وَصَغِيرَةٍ شَدِيدُ ٢٥٦ - وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْكُمَّلِ ... أُحْكُمْ بِوَضْعِ خَبَرٍ إِنْ يَنْجَلِى ٢٥٧ - قَدْ بَايَنَ الْمَعْقُولَ أَوْ مَنْقُولا ... خَالَفَهُ أَوْ نَاقَضَ الأُصُولا ٢٥٨ - وَفَسَّرُوا الأَخِيرَ: حَيْثُ يَفْقِدُ ... جَوَامِعٌ مَشْهُورَةٌ وَمُسْنَدُ.
البحث