السؤال

الاستسقاء

السلام عليكم، ما حكم حديث: لم يحفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه الرفع كله إلا في ثلاثة مواطن : الاستسقاء ، والاستنصار ، وعشية عرفة ، ثم كان بعد رفع دون رفع؟

الإجابة

أخرج هذا الحديث الإمام أبو داود في مراسيله، وفيه حدثنا محمود بن خالد، حدثنا عمر يعني ابن عبد الواحد، عن الأوزاعي، عن سليمان بن موسى، قال: " لم يحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه الرفع كله إلا في ثلاثة مواطن: الاستسقاء، والاستنصار، وعشية عرفة، ثم كان بعد رفع دون رفع". وذكره ابن حجر في التلخيص الحبير، من حديث أنس، وقال فيه: لا أصل له من حديث أنس. وقد صح عن أنس رضي الله عنه مبالغة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفع اليدين في الاستسقاء، قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه". أخرجه البخاري ومسلم. وهذا الحديث وإن كان صحيحا فلا يدل على الاقتصار في رفع اليدين في الدعاء على الاستسقاء. قال الإمام النووي في شرحه للحديث: هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع صلى الله عليه وسلم إلا في الاستسقاء، وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء، وهي أكثر من أن تحصر، وقد جمعت منها نحوا من ثلاثين حديثا من الصحيحين أو أحدهما وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب. ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء أو أن المراد لم أره رفع، وقد رآه غيره رفع فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك. وقال فيه الحافظ ابن حجر: ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالأحاديث الثابتة في الرفع في غير الاستسقاء، وهي كثيرة، فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس لأجل الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة، أما الرفع البليغ فيدل عليه قوله حتى يرى بياض إبطيه ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه وبه حينئذ يرى بياض إبطيه؛ وأما صفة اليدين في ذلك فلما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء. فتح الباري لابن حجر 2/ 517. وقد جمع السيوطي أحاديث رفع اليدين في الدعاء في كتاب سماه "فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء".