السؤال

الوضوء

السلام عليكم هل يصح حديث "عن أنس أنه بلغه أن الحجاج خطب فقال أمر الله بغسل الوجه واليدين وغسل الرجلين فقال أنس صدق الله وكذب الحجاج { فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم } قرأها جرا"؟

الإجابة

عليكم السلام ورحمة الله، روى هذا الحديث سعيد بن منصور في تفسيره، والواسطي في تاريخ واسط 59، والطبري في تفسيره 10/58، والبيهقي في السنن الكبرى 1/117، وغيرهم: عن موسى بن أنس، قال: خطب الحجاج بن يوسف الناس فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم، فاغسلوا ظاهرهما وباطنهما وعراقيبهما، فإن ذلك أقرب إلى جنتكم. فقال أنس: صدق الله، ‌وكذب ‌الحجاج فامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين. قال: قرأها جرا". وصحح الحديث ابن كثير في تفسيره 3/52، وهي قراءة صحيحة متواترة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة «وأرجلكم» خفضا، وقرأ نافع وابن عامر والكسائي وأرجلكم نصبا، المحرر الوجيز لابن عطية 2/163. وأما ما يتعلق بمعناه فقد قال البيهقي عقبه: فإنما أنكر أنس بن مالك القراءة دون الغسل، فقد روينا عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على وجوب الغسل. السنن الكبرى 1/117. وقال ابن العربي في أحكام القرآن 2/72: وَطَرِيقُ النَّظَرِ الْبَدِيعِ أَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ مُحْتَمَلَتَانِ، وَأَنَّ اللُّغَةَ تَقْضِي بِأَنَّهُمَا جَائِزَتَانِ، فَرَدَّهُمَا الصَّحَابَةُ إلَى الرَّأْسِ مَسْحًا، فَلَمَّا قَطَعَ بِنَا حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَقَفَ فِي وُجُوهِنَا وَعِيدُهُ، قُلْنَا: جَاءَتْ السُّنَّةُ قَاضِيَةً بِأَنَّ النَّصْبَ يُوجِبُ الْعَطْفَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ، وَدَخَلَ بَيْنَهُمَا مَسْحُ الرَّأْسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَظِيفَتُهُ كَوَظِيفَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ قَبْلَ الرِّجْلَيْنِ لَا بَعْدَهُمَا، فَذُكِرَ لِبَيَانِ التَّرْتِيبِ لَا لِيَشْتَرِكَا فِي صِفَةِ التَّطْهِيرِ، وَجَاءَ الْخَفْضُ لِيُبَيِّنَّ أَنَّ الرِّجْلَيْنِ يُمْسَحَانِ حَالَ الِاخْتِيَارِ عَلَى حَائِلٍ، وَهُمَا الْخُفَّانِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، فَعَطَفَ بِالنَّصْبِ مَغْسُولًا عَلَى مَغْسُولٍ، وَعَطَفَ بِالْخَفْضِ مَمْسُوحًا عَلَى مَمْسُوحٍ، وَصَحَّ الْمَعْنَى فِيهِ. وقد أجمع الفقهاء بعد عصر التابعين على وجوب غسل الرجلين في الوضوء ولم يشذ عن ذلك إلا الإمامية من الشيعة، قالوا: ليس في الرجلين إلا المسح، وإلا ابن جرير الطبري: رأى التخيير بين الغسل والمسح، وجعل القراءتين بمنزلة روايتين في الإخبار إذا لم يمكن ترجيح إحداهما، على رأي من يرون التخيير في العمل إذا لم يعرف المرجح. التحرير والتنوير لابن عاشور 6/131.