أيصح حديث: كل منى منحر ، وكل أيام التشريق ذبح؟
أخرج هذا الحديث الإمام البيهقي في السنن الكبرى من حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "كل منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح". وأخرج بعده حديثا آخر اقتصر فيه على الجملة الثانية بلفظ: "أيام التشريق كلها ذبح". ثم عقبه قائلا: «الأول مرسل، وهذا غير قوي». وقال الذهبي في المهذب في اختصار السنن الكبير بعد إيراده الحديث الأول: «منقطع». وأخرجه أحمد والبزار في مسنديهما، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل عرفات موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسر، وكل فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح". قال البزار معقبا على الحديث: «وهذا الحديث لا نعلم أحدا قال فيه عن نافع بن جبير عن أبيه إلا سويد بن عبد العزيز، وهو رجل ليس بالحافظ ولا يحتج به إذا انفرد بحديث، وحديث ابن أبي حسين هذا هو الصواب وابن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم، وإنما ذكرنا هذا الحديث لأنا لم نحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "في كل أيام التشريق ذبح" إلا في هذا الحديث فمن أجل ذلك ذكرناه وبينا العلة فيه». وذكر ابن عبد البر في التمهيد أن في إسناد هذا الحديث اضطرابا وعقب عليه بعد أن أورده: «وأما أهل الحديث فإنهم يقولون إنه مما انفرد بوصله إسماعيل بن عياش ولم يتابع على ذلك، وإنما هو مرسل، وقال أحمد بن حنبل الصحيح فيه مرسل». وقال في الاستذكار: «ورواه سليمان بن موسى عن ابن أبي حسين عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه فروي عنه منقطعا ومتصلا واضطرب عليه أيضا في ابن أبي حسين وسليمان بن موسى وإن كان أحد أئمة أهل الشام في العلم فهو عندهم سيئ الحفظ». وقد حسنه ابن الصديق الغماري في كتابه الهداية في تخريج أحاديث البداية قائلا: «اختصره البيهقي فاقتصر على ذكر أيام التشريق منه، وهو حديث حسن، وإن كان سند أحمد وقع فيه انقطاع. أما الاختلاف الواقع من سليمان بن موسى فمحمول على أنه سمعه من عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم وسمعه من نافع بن جبير عن أبيه أيضا ومن محمد بن المنكدر عن جبير فهو لم يخرج بالحديث عن جبير الذي تعدد من حدثه به عنه وهو ثقة، فالحديث حسن أو صحيح كما قال ابن حبان».
البحث