السؤال

المهور

ما حكم هذا الحديث: رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تغالي الناس في مهور النساء حين اتسعت دنياهم في عصره، فخاف عاقبة ذلك، وهو ما يشكو منه الناس منذ عصور، فنهى الناس أن يزيدوا فيها على أربعمائة درهم، فاعترضت له امرأة من قريش، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله؟ يقول: {وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا} فقال: اللهم غفرا، كل الناس أفقه من عمر!! وفي رواية أنه قال: امرأة أصابت وأخطأ عمر! وصعد المنبر وأعلن رجوعه عن قوله.؟

الإجابة

لا يوجد حديث أو أثر بهذا اللفظ، وإنما جاء بألفاظ قريبة منها: ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه ومن طريقه الطحاوي في شرح مشكل الآثار، والبيهقي في سننه، من حديث الشعبي قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، وقال: "ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال" ثم نزل، فعرضت له امرأة من قريب، فقالت: يا أمير المؤمنين أكتاب الله تعالى أحق أن يتبع أو قولك؟ قال: "بل كتاب الله تعالى، فما ذاك؟" قالت: نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صداق النساء، والله تعالى يقول في كتابه: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا﴾، فقال عمر رضي الله عنه: "كل أحد أفقه من عمر" مرتين أو ثلاثا، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس: "إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء، ألا فليفعل رجل في ماله ما بدا له". قال البيهقي عقبه: "هذا منقطع". وما أخرجه البيهقي في سننه أيضا من حديث بكر قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد خرجت وأنا أريد أن أنهى عن كثرة مهور النساء حتى قرأت هذه الآية: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارا﴾. ثم قال معقبا عليه: "هذا مرسل جيد". وما ذكره ابن كثير في تفسيره، ومسند الفاروق، عن أبي يعلى من حديث عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أيها الناس، ما إكثاركم في صدق النساء، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم، فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله، أو كرامة لم تسبقوهم إليها، فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم. قال: ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش، فقالت له: يا أمير المؤمنين، نهيت الناس أن يزيدوا النساء في صداقهم على أربعمائة درهم؟ قال: نعم. فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: ﴿وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا﴾. قال: فقال: اللهم غفرا، كل الناس أفقه من عمر. ثم رجع، فركب المنبر، فقال: إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب. قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه، فليفعل". قال ابن كثير في مسند الفاروق عقبه: "هذا حديث جيد الإسناد، حسنه، ولم يخرجوه"، وقال في تفسيره: "إسناده جيد قوي". وما أخرجه الحاكم في المستدرك من حديث سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قام على منبره فحمد الله، وأثنى عليه، فقال: ألا لا تغالوا في صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها نبيكم صلى الله عليه وسلم "ما زيدت امرأة من نسائه ولا بناته على اثنتي عشرة أوقية، وذلك أربع مائة درهم وثمانون درهما، الأوقية أربعون درهم". قال الحاكم عقبه: "فقد تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا الباب لي مجموع في جزء كبير، ولم يخرجاه".