السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذكر الإمام الغزالي رحمه الله ما يستحب قراءته في أوقات الذكر فقال: «فأما القراءة فيستحب له قراءة جملة من الآيات وردت الأخبار بفضلها وهو أن يقرأ سورة الحمد وآية الكرسي وخاتمة البقرة من قوله آمن الرسول وشهد الله وقل اللهم مالك الملك الآيتين وقوله تعالى لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخرها وقوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى آخرها وقوله سبحانه الحمد لله لم يتخذ ولداً الآية وخمس آيات من أول الحديد وثلاثاً من آخر سورة الحشر » غير أنه لم يذكر تلك الأخبار التي وردت بفضلها فأردت أن أستفسركم عنها مع جزيل الشكر والإمتنان
ورد في فضل قراءة هذه الآيات أحاديث متفرقة، منها الصحيح وغيره: - ففي فضل فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة ورد ما أخرجه مسلم عن ابن عباس قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: "هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته". - وفي فضل آية الكرسي أخرج مسلم أيضا عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟» قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟» قال: قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قال: فضرب في صدري، وقال: «والله ليهنك العلم أبا المنذر». - وفي فضل قوله تعالى «شهد الله» ورد ما أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب عن ابن مسعود مرفوعا: «من قرأ شهد الله - إلى قوله - الإسلام ثم قال وأنا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي عنده وديعة جيء به يوم القيامة فقيل له عبدي هذا عهد إلي عهدا وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة»، وهو باطل كما أوعز بذلك الحافظ العراقي في تخرجه للإحياء، ونص على وضع ما ورد في معناه عن علي بن أبي طالب. - وفي فضل آخر التوبة ورد ما ذكره أبو قاسم الغافقي في فضائل القرآن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من لزم قراءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم … إلى آخر السورة لم يمت هدما ولا غرقا ولا حرقا ولا ضربا بحديدة" وهو ضعيف، قاله العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار. - وفي فضل سورة الفتح: ورد ما أخرجه أبو الشيخ من حديث أبي بن كعب مرفوعا: «من قرأ سُوَرَةَ الفَتْحِ فَكَأنَّمَا شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» قال العراقي: وهو حديث موضوع. - وفي فضل آخر الإسراء ورد ما أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في الدعاء عن معاذ بن أنس، رضي الله عنه أنه كان يقول: آية العز {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} سورة الإسراء، وإسناده ضعيف كما قال العراقي. - وفي فضل الآيات الخمس الأولى من سورة الحديد ورد ما ذكره أبو القاسم الغافقي في "فضائل القرآن" من قول علي رضي الله عنه: "إذا أردت أن تسأل الله حاجة، فاقرأ خمس آيات من أول سورة الحديد، إلى قوله: "عليم بذات الصدور". ومن آخر الحشر من قوله: "لوأنزلنا هذا القرآن، إلى آخر السورة ثم تقول: يا من هو كذا، افعل بي كذا، ثم يدعو بما يريد". وهذه كلها أحاديث في الترغيب والفضائل وهي مما يجوز العمل فيه بالضعيف بالشروط التي حددها العلماء، ولا تقتضي من التشدد ما تقتضيه غيرها من أحاديث العقائد والأحكام كما هو معروف.
البحث