ما يمكن أن يكتسبه الإنسان من قيم في شهر رمضان

أجوبة الأستاذ المصطفى زمهنى في درس تفاعلي حول موضوع " ما يمكن أن يكتسبه الإنسان من قيم في شهر رمضان".
0

يعتبر شهر رمضان وغيره من المناسبات الدينية محطة يتزود منها المسلم بزاد التقوى، انطلاقا من قول الله تعالى: "يا أيها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، والمسلم مطالب سواء في فريضة الصيام أو في غيرها من العبادات أن يركز على الثمرات المرجوة من العبادات، ذلك أن العبادات كلها ليست طقوسا وأشكالا يؤديها العبد فحسب، وإنما هي ثمرات يجنيها العبد ويتحلى بها بما يرجع عليه بالصلاح والإصلاح. 

وشهر رمضان شهر القيم بامتياز، وكلها تصب في قيمة الاستقامة. 

ومن هذه القيم: المحاسبة، فشهر رمضان يربي المسلم نفسه على مراقبة الله عز وجل في السر والعلن، والمسلم ينبغي أن يحرص على امتداد هذه القيمة إلى ما بعد رمضان في شؤون حياته كلها. 

ومنها: قيمة الشكر، فرمضان مدرسة يتعلم منها المسلم شكر الله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، ومن تجليات هذا الشكر إعانة محتاج وإغاثة ملهوف وإفطار صائم وغيرها. 

ومنها: قيمة الصبر، فبها يمكن للإنسان أن يتغلب على شهواته ونزواته.

ومنها: قيمة التزكية والتضامن والرحمة والمودة وغيرها من القيم الكثيرة. 

ولا يمكن للمسلم أن يجني هذه الثمرات، وأن يستفيد من هذه القيم إلا إذا صحح نظرته لشهر رمضان باعتباره محطة للمراجعة ومعسكرا إيمانيا يتزود منه المسلم بما يصلح حاله ومآله.

السؤال الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما" هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا الحديث صحيح، وهو في أعلى درجات الصحة، فقد أخرجه الشيخان البخاري ومسلم، وله ألفاظ متعددة: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما" "ما اجتنبت الكبائر" "ما اجتنب الكبائر" "ما لم يغش الكبائر".

والمعنى أن الله تعالى جعل للمسلم من باب فضله ورحمته أنهارا يومية وأسبوعية وسنوية يغتسل فيها من درنه وذنوبه بشرط اجتناب الكبائر.

السؤال الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" هل هو حديث صحيح؟

 الجواب: هذا الحديث صحيح، وهو مما اتفق عليه الشيخان.

والمعنى: قيام ليالي رمضان، وروح هذا القيام الصلاة وقراءة القرآن والذكر والاستغفار، واقتران العمل في قوله صلى الله عليه وسلم "إيمانا واحتسابا" يدل على أن المسلم مطالب بتحقيق الإيمان والإخلاص في كل عمل يأتيه. 

السؤال الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا الحديث صحيح، فقد أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو حديث يبين سنة من سنن الصيام وهي السحور، وهو مما اختصت به أمة محمد صلى الله عليه وسلم. 

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين" فهو حديث صحيح، ومعناه: أن الله عز وجل يذكر عباده المتسحرين للملائكة بما يفيد الثناء عليهم ومدحهم ورحمتهم والإحسان إليهم. 

ووقت السحور في الثلث الأخير من الليل، إلا أن الوقت الفاضل له قبل أذان الفجر بقدر ما يستغرق القارئ لقراءة خمسين آية. 

السؤال الرابع: حديث "كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها" هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا حديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث يبين هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام والليالي الفاضلة بالاجتهاد فيها بكل أنواع الطاعات والقربات، وفيه حث لكل مسلم على اغتنام الفرص والمواسم وتجويد الخواتيم، لأن الأعمال بخواتيمها كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم. 

السؤال الخامس: قول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ قال: تقولين اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا الحديث صحيح، فقد أخرجه الإمام الترمذي في جامعه وابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده، وقال عنه الترمذي هذا حديث حسن صحيح، والمعنى أن المسلم يستحب له أن يكثر في توجهه إلى مولاه من هذا الدعاء على اعتبار أن اسم الله العفو قد يكون هو المقصود باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. 

السؤال السادس: قوله صلى الله عليه وسلم "التمسوا ليله القدر في العشر الأواخر من رمضان" هل هو حديث صحيح وكيف نلتمسها؟

الجواب: هذا الحديث صحيح، فقد أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، والتماس ليله القدر يكون بالاجتهاد في العشر الأواخر على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها، وأن يستحضر المسلم رغبته ونيته الصادقة في أن يصادف فضل هذه الليلة المباركة، وذلك لأن ليلة القدر من الأشياء التي أخفاها الله تعالى عن عباده رحمة بهم، وذلك من وجوه:

 أولا: أن الله عز وجل أراد بالعباد أن يصيبوا الفضل كله بإحياء العشر كلها.

ثانيا: رحمة الله بالعصاة والمذنبين من عباده، لأنه لو عينها ثم تجرأ أحد فعصى الله عز وجل فيها لكان عقابه شديدا.

وهذه الليلة قد تكون في الليالي الأوتار وقد تكون في الليالي الشفع، لأن قوله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها في تسع بقين أو سبع بقين أو خمس بقين أوثلاث بقين أوآخر ليلة"، قد يكون شفعا وقد يكون وترا، حسب تمام الشهر ونقصانه، ويشمل ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم "التمسوها في العشر الأواخر"، وقد أثر عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنها ليلة السابع والعشرين كما درج عليه أهلنا في إحيائها في هذه الليلة. 

السؤال السابع: قوله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن أحد قبلي..." هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا الحديث ضعيف، فقد أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وسبب ضعفه أن فيه راويا اسمه هشام بن أبي هشام، وقد قال فيه علماء الحديث بأنه ضعيف متروك الحديث.

السؤال الثامن: قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم سلم مني رمضان وسلمه لي وتسلمه مني متقبلا" هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا حديث رواه الدارقطني في الدعاء والديلمي، وهو حديث ضعيف، في سنده أبو جعفر الرازي واسمه عيسى بن مهان، وقد تكلم فيه علماء الحديث بكونه مختلط الحديث. 

وقد وجدت لهذا الحديث شواهد تؤهله للعمل به، خاصة وأنه ورد في فضائل الأعمال، فلا بأس بالدعاء به، والثابت في السنة إنما هو الدعاء العام لكل الشهور "الله أكبر الله أكبر اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام". 

وأما ما يروج عند بعض الناس في وسائل التواصل الاجتماعي من الأدعية على أنها خاصة بشهر رمضان فهو غير صحيح.

السؤال التاسع: حديث: "يوم صومكم يوم نحركم" هل هو حديث صحيح؟ 

الجواب: هذا من الأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها في السنة، وقد ذكر الإمام السيوطي أن هذا الكلام لا أصل له، وهي مقوله غير صحيحة، لأن الواقع يكذبها، فإنه لا يلزم أن يكون اليوم الذي صام فيه الناس هو اليوم الذي ينحرون فيه، ونشر مثل هذا الكلام وانتشاره بين الناس يسيء إلى الإسلام وإلى السنة النبوية الشريفة، لأننا إذا نسبنا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم كذبته التجربة والواقع، فإن ذلك يفتح الباب لغيرنا للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سنته كلها.

والحال أن الدين لا يناقض العلم والواقع والتجربة.