ملخص المداخلة
كان للمغرب عبر العصور والأجيال منذ كرمها الله بنعمة الإسلام تاريخ مجيد حافل، ولأعلام رجالها وأئمتها وسلاطينها وملوكها في الحضارتين العربية والإسلامية أثر بعيد. فهم الذين أسسوا المدن التاريخية، وغيرها من الحواضر والمدن، وأنشأوا الجوامع والمساجد، وأقاموا دور الكتب والخزائن، فأصبحت على مرّ الزمان منبعاً للعلوم الإسلامية والعربية.
وقد كان للسنّة النَّبوية نصيب وافر من عناية المغاربة واهتمامهم، وكان ذلك أمراً بارزاً وواضحاً في تاريخ أهل المغرب، وتجلت جوانب عنايتهم بها من خلال اهتمامهم بنقل أوائل ما صُنّف في الحديث النبوي الشريف، والعناية بحفظ هذه الكتب وروايتها بأسانيدها، وملازمة كبار المحدثين في عصورهم، وارتياد المجالس العلمية، وحرصهم على السماع من الشيوخ ونيل إجازات الكتب بأسانيدها العالية من خلال الرحلة في طلب الحديث، وعقد مجالس السماع والإملاء، بالإضافة إلى العناية بشرح كتبها، وبيان غريب الحديث منها، والعناية بالجرح والتعديل وغيرها من علوم الحديث.
وقد كان للجامع الصحيح للإمام البخاري نصيب وافر من هذه الجهود العلمية عبر القرون الماضية وحتى وقتنا الحاضر، من خلال خدمته والانتصار له، لتشمل الاهتمام بشرحه وبيان مشكلاته وغريبه وأحوال رجاله، سيما وقد كان للمغاربة ومازال قدم السبق في كثير من المجالات المتعلقة بذلك.
ولذا فإنّ هذه المداخلة ستتناول التعريف بجهود المغاربة وعنايتهم بصحيح الإمام البخاري من خلال استقراء أبرز هذه الجهود عبر القرون الماضية؛ من القرن الرابع الهجري إلى التاسع الهجري.