الحديث المقبول والحديث المردود

أجوبة الأستاذ المصطفى زمهنى في درس تفاعلي حول موضوع الحديث المقبول والحديث المردود
0

افتتحت الحلقة من برنامج الدروس الحديثية في شقها التفاعلي، باستضافة الأستاذ المصطفى زمهنى رئيس المجلس العلمي المحلي لإقليم خنيفرة بسؤال مفاده أن  المرويات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما هو مقبول ومنها ما هو مردود متى نقول هذا الحديث  مردود وما هي أبرز أسباب رده ؟

في معرض جوابه أشار الأستاذ المصطفى زمهنى إلى أن غاية دراسة علم الحديث هو التوصل إلى التمييز بين المقبول والمردود من الحديث، لذلك علماؤنا استفرغوا جهدهم من أجل أن يوصلوا لنا هذه الفكرة وهي بيان ماصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لم يصح. أما أسباب رد الحديث فقد ذكر العلماء أن الأمر يتعلق بسببين اثنين:

الأول: سقط في السند، ومعناه الإنقطاع في سلسلة الرواة والسقط إما ظاهر أو خفي

 فإذا كان السقط ظاهرا فإما أن يكون:

  • معلق وهو ما حذف من مبدأ إسناده راو أو أكثر على التوالي.
  • معضلا وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر على التوالي.
  • مرسل وهو ما سقط من آخر إسناده من بعد التابعي.
  • المنقطع وهو ما لم يتصل إسناده أي يسقط راو في أي موضع من مواضع الحديث.

وهذه الوجوه فيها تفصيل فالمعلقة حكم عليها العلماء بالضعف إلا ما ورد عند الشيخ البخاري وميزوا فيها، أما إذا كان السقط خفيا فهو نوعين :

  • المدلس هو أن يروي الراوي حديثا لم يسمعه عمن سبق له أن سمع منه،أي لم يسمع هذا الحديث منه فحدث عنه بصيغة لم يصرح فيها بسماعه أي فيه تدليس.
  • المرسل الخفي  أي أن الراوي يروي حديثا عمن لم يسمع منه أصلا.

الثاني: الطعن في الراوي معناه أن الراوي يجرح من قبل عدالته أو من قبل ضبطه، فأما من جهة عدالته فيتعلق الأمر بالكذب وهذا حديثه موضوع أو يتهم بالكذب وهذا حديثه متروك ثم الطعن بسبب جهالته أي ( جهالة العين- جهالة الحال) أوفسقه أو بدعته، وأما من جهة ضبطه فنجد سوء حفظه، فحش غلطه، غفلته،كثرة الأوهام، مخالفته الثقات.

السؤال: يسأل عن صحة ومعنى الحديث ( إن لكل شيء سيدا وأن سيد المجالس قبالة القبلة)؟

الجواب: في جوابه أشار فضيلة الدكتور إلى ما أورده الإمام الطبراني وقال عنه الهيثمي إسناده حسن ومعناه أن للمجالس آدابا ينبغي للفرد أن يسير على وفقها، وهي من باب الاستحباب، و هذا الحديث يوجه إلى إتيان السنة المتعلقة باستقبال القبلة في إتيان الأعمال الصالحة.

السؤال: مامدى صحة حديث  ( لا يدخل الجنة ولد زنا) وما ذنبه لا يدخل الجنة.؟

الجواب: في رواية لا يدخل الجنة ولد زانية كما جاء في رواية . هذا الحديث أورده البيهقي والدارمي وابن حبان. قال ابن الجوزي : حديث موضوع لأن سنده ضعيف و متنه منكر يخالف القواعد الكلية لهذا الدين، ومثل هذه الأحاديث تنتشر في صفوف المسلمين، وهي مسيئة للدين، ولا يجوز روايتها إلا على سبيل بيان وضعها.

السؤال: مامدى صحة ومعنى حديث :( إن للشيطان لمة لابن آدم)؟

الجواب: هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي وقال عنه غريب أي ضعيف ،ولفظه "إن للشيطان لمة و للملك لمة، لمة الشيطان إيعاد بالشر و تكذيب بالحق, ولمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق". ثم قال من وجد هذا فليحمد الله ومن وجد غيره فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وقرأ قوله تعالى : ( الشيطان يعدكم الفقر ويامركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ) والإمام الترمذي عندما يقول غريب فهو يقصد غالبا الضعيف. ومعنى لمة أي خاطر أو إصابة أو القرب بهذا النوع الذي يجده بقلبه إما بسبب تصديقه بالخير فهو من الله، أو  بعكسه وهو من وساوس الشيطان.

السؤال: مدى صحة ومعنى حديث : ( ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم)؟

الجواب: هذا الحديث أورده الشيخان، فهو متفق عليه ، وهو أعلى درجة الصحة، ومعنى تردى أي أسقط نفسه فقتلها وذكر الحديث أنواع أخرى من القتل ( ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه ) إذن من قتل نفسه بأي أداة فإن الله عز وجل لا يرضى له هذا الصنيع،ومثل هذه الأحاديث ليست على ظاهرها ولكن هي على سبيل الوعيد الشديد بغية الاتعاظ وعدم الإقدام على هذا الأمر،والمنتحر يصلى عليه. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل على من قتل نفسه لكنه أمر أصحابه بالصلاة عليه ومفاد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك من باب الترهيب  بما ينفر الناس  من هذا الصنيع.

السؤال: حول حديث:( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)؟

الجواب:  هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم وهو حديث صحيح، ويقصد به أن الإنسان حينما يكون ساجدا فهو يعبر عن خضوعه بين يدي الله تعالى، وعن تواضعه المطلق لخالقه جل وعلا،وهو من أسباب استجابة الدعاء والقبول والتقرب من الحق جل وعلا ومثله سجدة الشكر.

السؤال: حول حديث : ( أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه)؟

الجواب: أخرجه الإمام ابن ماجه، وقد قال ابن الملقن في "البدر المنير" هذا الحديث من طرق كلها ضعيفة، غير أن الحديث الضعيف يقويه وروده من طرق أخرى، ولكن هناك ما يغني عن هذه الطرق وهو حديث أخرجه البخاري فيما معناه : ''ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى ثمنه ولم يعطه أجره''فهذا حديث صحيح، والحديث السابق رغم ضعفه شهد له هذا الحديث الصحيح، وفيه بعد إنساني جميل أن تعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه بعدم المماطلة والتسويف ،فهو يستبطن قيم انسانية رائعة، وفيه حث على عدم استغلال الأجراء والمستضعفين والمستخدمين بأن تعطى لهم حقوقهم كاملةعلى الفور دون تماطل.

السؤال: حول صحة حديث : ( إذا حضرت الملائكة غابت الشياطين)؟

الجواب: هذا الحديث لا يصح ، و هو من كلام الناس ومن  الثقافة الشعبية،ومن الناحية الحديثية لا يصح.

السؤال: حول حديث(إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها)؟

الجواب: هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده وذكره الإمام البخاري في" الأدب المفرد" وقال عنه الهيثمي رجاله أثبات ثقات فهو حديث صحيح، وله شواهد تشهد له من نصوص القرآن والسنة ، والفسيلة هي الشجيرة الصغيرة التي يرجو الناس منها الثمار بعد مدة، أي نغرس ليأكل الآخرون، وفيه درس للمؤمن لتقديم الخير لغيره، وهو من العمل الصالح الذي ينفع بعد الممات، والحديث يشير للأمل والطموح والإيجابيةوالتحفيز على غد أفضل.

السؤال: حول حديث : ( احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده اتجاهك،إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله...إلى آخر الحديث)؟

الجواب: هذا الحديث صحيح وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما :كان خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له  يا غلام إني أعلمك كلمات  احفظ الله يحفظك إحفظ الله تجده اتجاهك........إلى آخر الحديث)، وهذا الحديث خطاب لجميع الأمة وليس فقط لابن عباس، وقد أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، ويتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين، وتعني احفظ الله اعرف حدوده وأتمر بأوامره وانته عن نواهيه،ليحفظك تعني ليصونك ويرعاه ويدبر لك أمرك ...وهناك حديث آخر : '' احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ...'' إلى آخر الحديث: أي أن أمورك كلها إنما يتولاها الله عز وجل إن أعطيته الوكالة ،ومن تولى الله عز وجل أمره فلاشك أنه لن يخيب أبدا ويكون التوفيق حليفه.

ذ. المصطفى زمهنى