أنواع التصنيف في الحديث النبوي الشريف

أجوبة الأستاذ المصطفى زمهنى في درس تفاعلي حول موضوع التصنيف في الحديث النبوي الشريف
0

اهتم العلماء بالحديث فتفننوا وأبدعوا في جمعه وترتيبه وتصنيفه تيسيرا لطلبة العلم، ومن ذلك التصنيف في كل أنواعه وفروعه، ومن أشهر هذه المصنفات:

  • الجوامع: الكتاب الجامع للحديث والمرتب على الأبواب إضافة إلى اشتماله على موضوعات الدين الثمانية، كالجامع الصحيح للبخاري، وصحيح مسلم، وجامع الترمذي.
  • السنن: المبوبة على الأبواب الفقهية والمتضمنة للأحاديث المرفوعة خاصة كسنن ابن ماجه.

  • الموطأ: يختلف عن السنن بتضمنه للموقوف والمقطوع والآثار.

وهناك كتب أخرى مثل: الأجزاء، والمستدركات، والأطراف...وفي هذا كله دليل على الخدمة العظيمة التي قدمها المحدثون للحديث النبوي الشريف.

 وبتتبع مسار التأليف يستنتج استفادة اللاحق من السابق بتجويد العمل وتطويره، والاجتهاد في الاستدراك على السلف تصويبا وتنقيحا، كما نجد الفقه إلى جانب الصنعة الحديثية في كتبهم كصنيع البخاري حتى قيل فقه البخاري في تراجمه.

السؤال: ما صحة حديث "لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر"؟

الجواب: حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال هذا الكلام، قام رجل فقال: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال. والكبر بطر الحق وغمط الناس، فبين الحديث المقصود بالكبر.

السؤال: ما صحة حديث "من أطاع هواه باع آخرته بدنياه"؟

 الجواب: هذا من الأمثال التي تقال، وليس حديثا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالنسبة لمعناه نجد ما يؤيده في القرآن الكريم وفي حديث رسوله صلى الله عليه وسلم.

 وهنا نكتة لغوية جميلة في مسألة هواه مأخوذ من فعليين: من هوى يهوى أي أحب ومال ومأخوذ من هوي يهوي بمعنى سقط، فقال علماؤنا إن كل ميل يبدأ ميلا وانحرافا ثم ينتهي سقوطا، لهذا قال الشاعر:

وعاصِ الهَوى المُرْدي فكم من محَـلِّـقٍ *** إلى النّجْمِ لمّا أنْ أطاعَ الـهَـوى هـوَى.

 السؤال: ما صحة حديث "من يرد الله به خيرا جعل له واعظا من نفسه". وحديث آخر: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"؟

 الجواب: هذا الكلام يضاف إلى محمد بن سيرين "من يرد الله به خيرا جعل له واعظا من نفسه" وهو تابعي. فهو حديث مقطوع. وأما الحديث الثاني ففيه "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، فهذا حديث صحيح متفق عليه. و لابد أن يكون لكل مسلم واعظ من نفسه يشجعه على الخير وينهاه عن الوقوع في الشر، والإرادة أن لله جل وعلا علم وسبق في علمه ما يكون. وبالنسبة للحديث الثاني المقصود بالفقه بالمعنى العام أي الفهم للدين، واستعمل الفقه للعقيدة (الفقه الأكبر)، والواجب على الأمة تجاه علمائها وفقهائها توقيرهم لأنهم ورثة الأنبياء والرسل.

السؤال: ما صحة حديث "أول من يدعى إلى الجنة الحمادون الذين يحمدون الله في السراء والضراء"؟

الجواب: هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه. كما ورد في المعجم الصغير والأوسط والكبير. وفي سنده قيس بن الربيع وقد اختلف فيه، حيث وثقه بعض العلماء وضعفه آخرون. ومن الذين ضعفوه يحيى بن سعيد القطان. والحمادون هذه صيغة مبالغة، وقد تكلم العلماء كثيرا في موضوع الحمد، ومجمل ما وصلوا اليه، أن الحمد والشكر قد يكونان بمعنى واحد كما جنح لذلك الطبري، وهناك من فرق بينهما فقال: الحمد يكون باللسان فقط، والشكر يكون باللسان والقلب والجوارح.

السؤال: ما صحة حديث "الخالة بمنزلة الأم"؟

 الجواب: الحديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما. وسبب وروده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان في عمرة القضاء وأراد أن يخرج من مكة تبعته ابنة حمزة تناديه يا عم يا عم فتناولها علي بن أبي طالب وقال لفاطمة دونك ابنة عمك، فاختصم في شأنها علي بن أبي طالب وزيد وجعفر، فأما علي رضي الله عنه فقال أنا أحق بها وذكر السبب وهي أنها ابنة عمه، وأما جعفر فقال إنه أحق بها وذكر بأنها ابنة عمه وأن خالتها تحته، وأما زيد فقال بأنها ابنة أخيه، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر فقال: "الخالة بمنزلة الأم"، لأن خالتها كانت زوجة جعفر رضي الله عن الجميع، وقد تكلم العلماء كثيرا في هذه المسألة بين من قال إن المنزلة تتعلق بالحضانة، ومن قال بأن المسألة عامة تتعلق بالبر والإحسان والصلة بشكل عام، والخالة أفضل من العمة كما يدل على ذلك منطوق هذا الحديث. 

السؤال: ما صحة الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل يقول: "أتعصوني وقد رزقتكم العنب"؟

الجواب: لا أصل له، ولا يصح رواية ولا معنى. فهو موضوع. 

السؤال: حديث يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، هل هذا الحديث ثابت؟

الجواب: الحديث صحيح متفق عليه، والإذاية لله عز وجل لا ينبغي أن تفهم على ظاهرها، وإنما تؤول حتى لا نصف الله عز وجل بما لا يليق به. والله سبحانه عز وجل لا يمكن أن نقول بأنه يصف نفسه بالدهر، وإنما المقصود عندما يقول وأنا الدهر بمعنى وأنا مدبر الدهر وأنا مقلب الدهر وأنا المتصرف في الدهر ولا ينبغي للإنسان أن يشتم الزمان.

 السؤال: ما صحة "في كل كبد رطبة أجر"؟

الجواب: الحديث صحيح متفق عليه، وله سبب وروده، وهو أن رجلا في فلاة وكان يعاني من عطش فنزل إلى بئر وسقى الماء حتى ذهب عنه الظمأ فوجد كلبا فسقاه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لنا في البهائم أجرا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث ...والمعنى أن الإنسان عندما يسدي الخير والمعروف إلى كل مخلوق فإن الله تبارك وتعالى يرحمه، كما يحاسب المؤذي لها ...والرفق مطلوب في كل نواحي الحياة مع البهائم وغيرها.

السؤال: ما صحة حديث "يموت المؤمن بعرق الجبين"؟

الجواب: هذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، ونجده أيضا عند أحمد. والمقصود بهذا أن المؤمن يجتهد في دنياه، وليس بطالا، ولا كسولا، والعرق يشير إلى الجهد.

وينبغي للمؤمن أن يكون وقافا عند كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه، وأن يحتاط فيما يتعلق بالمرويات التي تروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتنبه للأحاديث الواهية المكذوبة الموضوعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليكون نقله أصفى وعمله أصوب.

ذ. المصطفى زمهنى