الحديث الحسن وبعض أنواعه

أجوبة الأستاذ المصطفى زمهنى في درس تفاعلي حول موضوع "الحديث الحسن وبعض أنواعه".
0

السؤال:  ما حد الحديث الحديث الحسن؟

 الجواب : إن علماء الحديث استفرغوا وسعهم لخدمة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعملوا على تنقيته، فقسموا الحديث إلى أقسام: منها الحديث الحسن وهو الذي اتصل سنده من غير شذوذ ولا علة، لكن راويه خفيف الضبط، بخلاف الصحيح فإن راويه يكون تام الضبط، فرجال الحسن لم يصلوا لذلك الضبط الذي وصل إليه رجال الصحيح.

السؤال: نبين أنواع الحديث الحسن؟

الجواب: الحديث الحسن ينقسم إلى قسمين: حسن لذاته وهو الذي استوفى الشروط المذكورة سابقا، وحسن لغيره، وهو الذي لم يصل لدرجة الحسن لذاته، لكنه وجدت أحاديث أخرى تعززه، فيرتفع بذلك لدرجة الحسن لكنه لا يأخذه من ذاته بل من غيره، فسمي بذلك بالحسن لغيره، كما يقال أيضا الصحيح لغيره.

السؤال : وهذا يبين لنا هذا الفرق بين رجالات الحديث؟

الجواب:  طبعا علماؤنا اهتموا برجال الحديث، وألفوا فيه كتبا، حيث ميزوا بين المقبولين والمجروحين وكل ما قيل فيهم.

السؤال : إذن هناك أنواع: الحسن لذاته والحسن لغيره، في الدرجات؟

الجواب:  المقبول أربعة أنواع : الصحيح لذاته والصحيح لغيره، والحسن لذاته والحسن لغيره.

السؤال: الحسن لغيره قريب من الضعيف؟

الجواب: نعم لكنه ليس ضعفا شديدا، فالشواهد التي وجدت جعلته يرتقي من الضعف إلى الحسن.

السؤال: هناك بعض المصطلحات التي أوردها العلماء كالإمام الترمذي سواء في كتابه الجامع أو في كتابه العلل يستعمل بعض المصطلحات كالحسن الصحيح أو الحسن الغريب، هل بين لنا الإمام الترمذي ماذا يقصد بهذه المصطلحات؟

الجواب: مصطلح الحسن اشتهر به الترمذي رغم وجوده قبله، لكنه كان بمعناه اللغوي كالإمام أحمد وغيره، حيث جعله الترمذي من المصطلحات الحديثية، وقد اختلف العلماء في توجيه هذا المصطلح.  وقد عرفه الإمام الترمذي فقال: إن الحسن لا يوجد في إسناده متهم بالكذب، ولم يكن شاذا،وروي من وجهين، لكنه عندما استعمل المصطلحات الأخرى لم يعرفها، فيقول مثلا: حديث حسن صحيح، فالإمام الترمذي استعمل هذا المصطلح عندما يجد الحديث بإسنادين: إسناد صحيح وإسناد حسن، أو أن الحديث بين الصحة والحسن...

السؤال: يعني صحيح من وجه وحسن من وجه؟

الجواب: نعم ،وقيل إن الحسن هو الحسن اللغوي، فقالوا إنه عندما يستعمله هكذا فهو يريد أنه مقبول عنده.

السؤال: في أي خانة يمكن أن نصنف كتاب الجامع للترمذي؟

الجواب : هذا الكتاب مهم جدا، فنجده ينتمي للجوامع من جهة، وإلى السنن من جهة أخرى. والجامع هو الكتاب المؤلف على الأبواب المتضمن للأبواب الثمانية، وهي :العقائد والأحكام والتفسير والسير والآداب والمناقب والفتن وأشراط الساعة كالجامع الصحيح للبخاري وصحيح مسلم ، وهو من السنن كذلك لأنه مصنف على الأبواب الفقهية وجل أحاديثه مرفوعة .

أسئلة السادة المشاهدين:

السؤال: حديث فضل العلم أحب من فضل العبادة هل هو حديث صحيح؟

الجواب: هذا الحديث أخرجه الإمام الحاكم والطبراني وفيه: وملاك دينكم الورع، فنجد في سنده ضعف، والعلم مقدم على العبادة في النفل، منها حديث: إنما بعثت معلما، وغيرها من الشواهد التي تبين أهمية العلم.

السؤال: حديث ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة؟

الجواب: هذا الحديث صحيح أخرجه الإمام البخاري ومسلم وغيرهما يبين الفضل الذي أعده الله عز وجل لمن فقد ولده.

السؤال: الحِنْث ما المقصود به؟

الجواب: المقصود البلوغ، أي لم يصلوا إلى حد التكليف.

السؤال: الذين بلغوا التكليف ألا يدخلون في هذا الاطار؟

الجواب: طبعا الحديث قيدهم بعدم الوصول للحنث، الآباء كالأمهات في ذلك.

السؤال: تعلموا العربية وعلموها الناس؟

الجواب: هو موقوف على الصحابي. ذكر الإمام البيهقي أنه موقوف على عمر رضي الله عنه، والإمام ابن أبي شيبة ذكره موقوفا على أُبَيّ بن كعب.

السؤال: موقوف ما معناه؟

الجواب: الموقوف هو الذي أضيف إلى الصحابي، يعني كلام الصحابي وليس كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السؤال: هل هذه الأحاديث لها نوع من الاعتبار؟

الجواب: تناقش العلماء في ذلك واختلفوا فيها بين من قَبِلها ومن لم يقبلها ومن وضع شروطا للاحتجاج بها.

السؤال: إذن المهم أنها ليست مرفوعة؟

الجواب: نعم ، وقد استند إليها المذهب المالكي كثيرا في عمل أهل المدينةكما نجد في الموطأ، فهي حجة يعتمد عليها.

السؤال: هل هناك نص حديثي آخر يفيد أن تعلم اللغة العربية من الأمور المهمة؟

الجواب: لا يمكن فهم القرآن الكريم والحديث النبوي بدون اللغة العربية، ولكن لابد من تعلم اللغات الأخرى أيضا، فالمفهوم من الحديث أهمية اللغة العربية وكذلك اللغات الأخرى من أجل إبلاغ رسالة الإسلام، لأنها رسالة عالمية.

السؤال: حديث من يحسن تكلم اللغة العربية ويتكلم بغيرها يورث النفاق؟

الجواب: لا يصح ذلك، هذا يخالف هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان يعطي الأولوية لبعض الصحابة بهذا الاعتبار لمعرفتهم بلغات أخرى، والمقصد الديني هو التعارف بين الناس وإلا سنكون منعزلين عن العالم.

السؤال: حديث إني آليت على نفسي لا أُدْخل النار من اسمه محمدا ولا أحمدا. حديث قدسي؟

الجواب: لا يصح ولا أصل له، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات والديلمي في مسند الفردوس.

السؤال: نص العلماء أن بعض الكتب مشهورة بالضعيف؟

الجواب: علماؤنا اهتموا بهذا الجانب كثيرا، ببيان المجروحين والمتروكين، ومن هذه الكتب الضعفاء للعقيلي والكامل لابن عدي، وهناك كتب ألفت في الأحاديث الضعيفة ،مثلا المنار المنيف في الصحيح والضعيف لابن القيم، وفي الموضوعات كالموضوعات لابن الجوزي واللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي...

السؤال: هل هناك ما يؤيد أن من اسمه أحمد أو محمد له امتياز معين؟

الجواب: التسمية بمحمد وأحمد تبرك وتيمن، ولابد لمن سمي به أن يكون حمله لهذا الاسم موافقا لعمله.

السؤال: يلاحظ في المغاربة منذ القدم أنهم يشرفون هذا الاسم ويسمون أبناءهم به ويضيفون السيادة لهذا الاسم؟

الجواب: هذا من تجليات حب المغاربة لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ وصول الإسلام إلى بلدهم، فقد تنازلوا عن الحكم للولى ادريس لأنه من  آل البيت، ولا تجد بيتا من بيوتهم  ليس فيه اسم من هذه الأسماء، وهذا تجل من تجليات حب المغاربة لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السؤال: حديث: خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعليه في الصلاة؟

الجواب: نعم هناك رواية أبي داود، وقد ذكر الحاكم  أن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم وأورده ابن خزيمة أيضا . والحديث فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الصلاة، فخلع نعليه فخلع الصحابة نعالهم فسألهم فقالوا وجدناك خلعت نعليك فخلعناهما، فبين لهم أن جبريل عليه السلام أتاه فأخبره أن بهما قذرا. فقال صلى الله عليه وسلم: إذا حضر أحدكم إلى المسجد فلينظر إليهما فإذا وجد فيهما قذى فليمسحهما. وقد يضطرب فهم الناس فيعتقدون أن المراد هو الصلاة بالنعال، وإنما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين الجواز فقط ، وإلا فعدد المرات التي خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعاله أكثر من عدد المرات التي أبقاها كما ذكر الإمام النووي، وكذلك إذا استحضرنا طبيعة المسجد آنذاك فنعم. أما الآن والمساجد مفروشة فلا ينبغي للإنسان أن يصلي بنعاله.

السؤال: هل كل ما ذكر الإمام الحاكم على شرط مسلم يقبل؟

الجواب: الحاكم حاول فهم شروط الإمامين،فاخرج الأحاديث التي على شرطهما ولم يخرجاها أوعلى شرط أحدهما، وقد استدرك عليه في ذلك العلماء كالذهبي. وصفوة القول:إن الأحاديث التي أخرجها الحاكم على ثلاثة أصناف: الصنف الأول صحيح، والصنف الثاني ضعيف، والثالث فيه الموضوع، وهذا كلام الذهبي.

السؤال: مسألة النعال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث صحيح لكن المسألة ليست على إطلاقها؟

الجواب: نعم كما بينا قبل ، فمن كان في حديقة مثلا: يجوز له أن يصلي بنعاله،وليس له ذلك في المسجد.

السؤال: حديث: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج؟

الجواب: صحيح أخرجه مسلم في صحيحه.

السؤال: المقصود بهذا الحديث؟

الجواب: أن تكون النافلة بعد الفريضة أي صلاة الجمعة، ذلك أن رجلا صلى الجمعة  فقام فأتى بالصلاة مباشرة فأتى إليه معاوية فقال له: لما فعلت ذلك. قال له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج، وهذا الكلام الذي ورد من النبي صلى الله عليه وسلم من باب سد الذريعة حتى لا يفهم البعض على أن الصلاة التي جاء بها بعد الفريضة هي تتمة للصلاة الأولى، وهذه هي العلة.

السؤال: هذا إذا كانت النافلة بعد الفريضة؟

الجواب: نعم فهذا سبب الورود في صلاة الجمعة.

السؤال: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا. حديث؟

الجواب: حديث أخرجه أبو داود وابن ماجه وأحمد والطبراني في الأوسط، وفيه ضعف من جهة الحكم بن مصعب، وصفه ابن حجر والذهبي بالجهالة، ورواية المجهول ترد .

السؤال: ما المقصود بالجهالة؟

الجواب: هذا اصطلاح حديثي محض، الراوي الذي لا يعلمون عنه شيئا في العدالة والضبط،وهم يقسمون الجهالة إلى نوعين: الأول: جهالة عين وهو الشخص الذي لا يعرف عند غيره ولا العلماء ولا يروي عنه إلا واحد.

الثاني: جهالة الحال: ويقسمونها إلى قسمين: أولا الذي لا تعرف عدالته ظاهرا وباطنا ،   والثاني: تعرف ظاهرا لا باطنا، وهو الذي يسمى بالمستور، على أن هناك من جعل جهالة الحال والمستور في درجة واحدة، وهناك من يفرق بينهما.

السؤال: إذا اختلف العلماء في تجريح راو وتعديله ماذا نفعل؟

الجواب: إذا تعارضا نأخذ بمن قال بتجريحه إذا كان مفسرا ،وهذا أحوط.

السؤال: ما المقصود بلزوم الاستغفار؟

الجواب: أن يكون لسانه رطبا بذكر الله، وقد قلنا إنه ضعيف، لكن من حيث المعنى فهو صحيح، حيث ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة في الاستغفاركما في صحيح الحديث أيضا.

السؤال: حديث: ‌من ‌قال ‌دبر ‌كل صلاة، وإذا أخذ مضجعه: الله أكبر كبيرا عدد الشفع، والوتر، وكلمات الله التامات الطيبات المباركات، ثلاثا، ولا إله إلا الله مثل ذلك، كن له في قبره نورا، وعلى الجسر نورا، وعلى الصراط نورا حتى يدخلنه الجنة أو يدخل الجنة "

الجواب: هذا الحديث موقوف على ابن عمر رضي الله عنهما كما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، والمقصود بدبر كل صلاة، أي بعد كل صلاة، وقد اختلف العلماء هل المقصود بدبر كل صلاةٍ، صلاةُ الفرض فقط أم كل صلاة، فهناك من قال الصلاة المفروضة فقط وهناك من قال مطلق الصلاة.

السؤال: هناك من قال أيضا قبل السلام أو بعد السلام؟

الجواب: نعم ولكن الذي يفيده ظاهر الحديث دبر الصلاة أي بعد الخروج من الصلاة بالسلام.

السؤال: عندما يتحدث ابن عمر رضي الله عنهما عن أمور غيبية ألا يكون ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ابن عمر لا يمكن أن يأتي بها من نفسه؟

الجواب: نعم تحدث العلماء عن ذلك، فقالوا إن الموقوف يمكن أن يحتج به  ولاسيما في الأمور التي لا يمكن للصحابي أن يقولها من عنده، وإنما لابد أن يكون قد سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك استعملوا مصطلحا آخر ميزوا فيه بين الموقوف الذي يكون من عند الصحابي، وبين الموقوف الذي أضيف إليه مما لا شك أنه سمعه أو رآه فقالوا مرفوعا حكما.

ذ. المصطفى زمهنى