أهمية الإسناد:
الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، وقد اعتبر العلماء انقطاع السند سببا من أسباب رد الحديث، قال الحافظ ابن حجر في النخبة: رد الحديث يعود لسببين رئيسين: أما الأول فهو السقط، وأما الثاني فهو الطعن في الراوي من جهة العدالة أو الضبط. تعريف الانقطاع: يقصد به أن يسقط في سلسلة الإسناد راو من الرواة أو أكثر سواء كان ذلك في أوله أو في أثنائه أو في آخره. ومن هنا وردت أنواع الانقطاع عند المتأخرين بينما المتقدمون لم يكونوا يميزون بين أنواع الانقطاع ولا يتحدثون على أقسامه. فهناك المنقطع والمعضل والمرسل والمعلق ، وكما يرون أن الموضع الذي سقط منه الراوي هو الذي يتحكم في المصطلح؛ فإذا كان السقط في أول الإسناد فهو المعلق، وإذا سقط راويان متتابعان فهو المعضل، وإذا سقط الصحابي على القول المشهور فهو المرسل.
أهميه دراسة الانقطاع:
التعرف على نوع هذا الانقطاع، والانقطاع على نوعين ظاهر: والظاهر أربعة أقسام وهي: المعلق والمعضل والمرسل والمنقطع، و النوع الثاني الخفي: وهذا بدوره ينقسم إلى مرسل خفي ومدلس، فكل هذه الأنواع هي من صنف الحديث الضعيف لكن الحديث المرسل فيه أقوال عند أهل العلم فهناك من يرده ردا وهناك من يقبله مطلقا وهناك من يقبله بشروط. وهذه الأنواع ليست في مرتبة واحدة وإنما ينظر لها من حيث العلة فالمرسل ليس كالمعضل، وإن سقط راويان في حديث فليس كحديث سقط فيه راو واحد، كذلك العلماء ينظرون إلى هذه المسألة من حيث الأشخاص الرواة، الإمام الشافعي لما اشترط شروطا في قبول المرسل قال إذا كان المرسل عن كبار التابعين فهو مقبول.
الأسئلة التفاعلية:
السؤال: عن حديث "إن المؤمنين ينحر لهم يوم القيامة ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها"هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: الحديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه وهو يشير لذاك النعيم الذي ينتظر المؤمنين في الجنة ومن ذلك ما ورد في هذا الحديث أن يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله من أول الناس إجازة (الذين يتلقون جزاءهم) فقال فقراء المهاجرين ثم سأله عن تحفتهم فأجابه بأن ذلك يكون بزيادة كبد الحوت وفي رواية كبد النون، ثم سأله عن غذائهم فكان الجواب أنه ينحر لهم ثور الجنة.
السؤال: هل هناك نحر في الجنة؟
الجواب:هنا إشارة إلى قضية مهمة وهي أن هذه الأحاديث مهما ورد فيها من أسماء وصفات وأفعال مشابهة لأمور تقع في الدنيا، فإنه لا يجب أن نعتقد أنها بنفس الشكل والطريقة, لماذا؟ لأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ومالا خطر على قلب بشر كما في الحديث الشريف.
السؤال: سائل يسأل عن حديث(لما نزل بسم الله الرحمن الرحيم هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الرياح وهاج البحر وأصغت البهائم، بأذانها ورجمت الشياطين من السماء وحلف الله بعزته وجلاله أن لا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه)، هل يصح هذا الحديث؟
الجواب: هذا الحديث من كلام الصحابي الجليل جابر، وقد ذكره ابن مردويه والثعلبي، فهو حديث موقوف. والذين ألفوا في الحديث الشريف وعلومه لم يتكلموا في هذا الحديث وإنما يذكرونه من باب الشواهد التي يؤتى بها عند الحديث عن فضل بسم الله الرحمن الرحيم.
فائدة: يقال تكلم الصحابي في المسائل الغيبية يعتبر من المرفوع، ألا يعتبر هذا الكلام في هذا الحديث من قبيل المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: قول الصحابي فيه كلام عند أهل العلم فهناك من قبله بشروط وهناك من رده، وقد يكون له حكم المرفوع لما يأتي بقول يستحيل أن يقول فيه برأيه.
السؤال: سائل يسأل عن حديث (نعم المال الصالح للرجل الصالح)، هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: نعم المال الصالح للرجل الصالح، هذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده والإمام ابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان، والحديث يتكلم عما وقع بين عمرو بن العاص ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الحديث له سبب ورود، ذلك أن النبي أرسل إلى عمرو بأن يأتيه، فأتاه عمرو ووجده يتوضآ فقال له رسول الله بأنه يريد له المال: فرد عليه عمرو بأنه ما أسلم من أجل المال وإنماأسلم رغبة في الإسلام و بأن يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب رسول الله نعم المال الصالح للرجل الصالح.
فائدة: جاء في الحديث (نعم المال)، ماذا يعني هذا الكلام؟ الجواب؛ فهذا فيه مدح للمال الذي يكسب بطرق شرعية، وتوجد نصوص من القرآن الكريم وأحاديث كثيرة تذم المال. كيف نتعامل معها؟
أجاب فضيلة الدكتور حفظه الله أنه فعلا توجد آيات كثيرة تذم المال حين يكون سيدا على صاحبه وغايه في نفسه وليس وسيلة، عكس ما في هذا الحديث، فهو وسيلة، ورسول الله يقول : المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، فإن هذا يدخله في خانة الصلاح وهذا من أهل القوة الممدوحة.
السؤال: سائلة تسأل عن حديث (كاد الحسد أن يسبق، وكاد الفقر أن يكون كفرا)، هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: هذا الحديث ضعيف أخرجه الطبراني في الأوسط وذكره ابن شيبة في مصنفه، وسبب ضعف هذا الحديث أن فيه راويا اسمه يزيد بن أبان الرقاشي -الذي رمي بالقدر أي من أهل البدع- لذلك أهل الحديث تكلموا فيه ولم يقبلوا أحاديثه، ومعنى هذا الحديث لا يصح، فقد صح هذا عن العين ولكن لا العين ولا الحسد يغير من القدر، وإنما الحسد والعين بذاتهما من القدر وهذا قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين وأشار إلى خطورة ذلك.
السؤال: جاء في الحديث (كاد الفقر أن يكون كفرا)، ما معنى هذا الكلام؟
الجواب: هذا يبين أن الحاجة يمكن أن تؤدي إلى إلحاق الأذى بالإنسان نفسه، والحاجة تدفعه إلى الوقوع فيما قد يؤدي به إلى الكفر. أما إذا صبر الإنسان وتحكم في نفسه فإنه لا يؤثر فيه ذلك.
وقد اختلف العلماء ها هنا في أيهما أفضل هل مقام الشكرأم مقام الصبر، هل مقام الشكر بالنسبة للغني أم الصبر بالنسبة للفقير؟ وكان من ضمن ما توصلوا إليه أنه لا يمكن الحديث عن أفضلية شيء عن الآخر بشكل مطلق، وأنه لابد من البحث عن تحقيق المناط في المسالة ذلك أنها مسألة نسبية تعود إلى حال الإنسان في نفسه.
السؤال: عن حديث (أن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها وان ابطا عليها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده غلا بطاعته)، هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: الحديث صحيح أورده عبد الرزاق في مصنفه وأبو نعيم، والكثير من العلماء قالوا صحيح.
فوائد الحديث: الأرزاق مقسومة ومقدرة بالآجال، وهذا فيه شواهد كثيرة من ذلك ما ورد في حديث مراحل خلق الإنسان حيث إن الله تعالى عندما ينفخ في روحها هذا المخلوق فإنه يأمر بكتب رزقه وأجله وعمله وهل هو شقي أم سعيد، والرزق قد يتأخربالنسبة لطالبه أما بالنسبة لله فهو في وقته المحدد.
أما قوله صلى الله عليه وسلم أجملوا في الطلب: ففي ذلك إشاره من رسول الله إلى أن يكون سعي الإنسان في الدنيا باعتدال أي بلا إفراط ولا تفريط، بحيث لا يقبل على الدنيا بكليتها وينسى ما ينتظره بين يدي ربه تعالى،كما أنه لا ينقطع للعبادة وينسى نصيبه من الدنيا. فالمطلوب من الإنسان أن يحقق هذا التوازن في حياته الدنيا. كما أن المسلم يتحرى الحلال في كسبه ويتجنب الحرام.
السؤال: هل يحرم الإنسان رزقا بسبب ذنب أصابه؟
الجواب: نعم هناك نصوص كثيرة تحدثت عن موانع الرزق أي أن الإنسان يمكن بصنيعه وفعله أن يحرم ذلك الخير الذي ساقه الله إليه، وقد دقق العلماء في المسألة فقالوا إن الرزق سيصل إليه ولكنه لن ينتفع بالبركة وهي ذلك الخير الذي يجريه رب العالمين في الشيء. ففي الحديث "العبد يحرم الرزق بالمعصية أو بالذنب يصيبه"،وعلى عكس ذلك فإن الاستغفار والذكر يجعل البركة في الرزق.
السؤال: "الرؤيا الصالحة من الرجل الصالح جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة"هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: هذا الحديث صحيح أخرجه البخاري.
ما معنى الرؤية الصالحة؟ الرؤية كما في الحديث الشريف ثلاث: (بشرى من الله، أو حديث من النفس، أو تخويف من الشيطان). فهذا الكلام يبين أن الرؤية منها ما هو صالح ومنها ما هو من النفس ومنها ما هو من الشيطان.
جاء في الحديث (ست وأربعين جزءا من النبوة) هل النبوة أجزاء؟
العلماء تكلموا في هذه المسألة وحاولوا أن يبينوا المقصود من الجزء، فابن بطال في شرحه لصحيح البخاري قال إن النبوة من النبأ والإنباء وهو الإعلام في اللغة وأشار أن هذا المعنى من حيث اللغة ذكر في الحديث لبيان تشابهه في النبوه التي هي خاصة بالنبي ، وذكر أيضا أن هذا الحديث إنما يشير إلى الغيب لا غير، بمعنى أن الرؤيا فهي من الأشياء التي يطلع الله فيها الرجل الصالح أمور الغيب.
على أن هناك من درس المسألة دراسة أخرى من جانب العدد لماذا ذكر هذا العدد بالضبط؟
هناك من قال إن النبي مكث ثلاثا وعشرين سنة وإذا أردنا أن نقوم بعدها بأنصاف العام سنقول ستا وأربعين سنة، والنبي في بداية الوحي كان يرى الرؤية لمدة ستة أشهر، وهذه المدة أي ستة أشهر جزء من ست وأربعين جزء من النبوة.
السؤال: عن حديث (سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم) هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: الحديث أورده الإمام أبو داود في سننه، وقال عنه أنه ضعيف، وأبو حاتم قال في العلل إنه منكر، ومع ذلك هناك شواهد تقوي هذا الحديث حيث إنه يتعلق بفضائل الأعمال وأن العمل به ليس فيه عيب.
ما معنى الحديث المنكر: رواية الضعيف المخالفة لرواية الثقات على عكس الشاذ الذي عرفه العلماء بأنه رواية الثقة المخالفة لرواية الثقات أوالأوثق منه، وهذا من أنواع الضعيف.
فائده: يذكر العلماء بأن طالب الشيء من الله يكون ببطن الأكف وطلب دفع الشيء من الله يكون بظهور الأكف هل هذا صحيح؟
نعم من العلماء من قال بهذا وسنده ما ورد في صحيح مسلم عن أنس أن رسول الله استسقى فأشارببطن الكف إلى السماء، فدل هذا الحديث على أن طلب رفع الشيء يكون بظهور الأكف بينما طلب الحصول على الشيء يكون ببطون الأكف. وهناك من قال إن الدعاء بظهور الأكف إنما هو من المبالغة في رفع اليدين ورد في تتمة هذا الحديث وورد في حديث آخر عند ابن ماجه وغيره بأن النبي حثنا على أن نمسح وجوهنا بعد الدعاء. والذي يظهر من هذه الأحاديث أنها في فضائل الأعمال رغم أن هناك من ضعفها وقال بأن أسانيدها لاتصح، ولكن العمل بها لا بأس به. والحكمة من ذلك التماس البركة في هذه الأحاديث وأيضا من باب حسن الفأل على قبول الدعاء.
فائدة: والسنة في الدعاء أن نرفع أكفنا تضرعا إلى الله وهناك من يستنكف ذلك ويعتبره بدعة فما الصواب؟
أولا رفع اليدين في الدعاء ثبت بالتواتر وورد في حولي اثنين وثلاثين موضعا بمعنى رفع اليدين في الدعاء بشكل عام لم يخالف فيه أحد، فهو ورد بالتواتر، والحديث المتواتر يفيد العلم اليقين، وإنما وقع نقاش بين العلماء فيما وقع في حديث أنس رضي الله عنه من أنه ذكر أن رفع اليدين لم يكن إلا في الاستسقاء. ومن اعتمد هذا الحديث قال إن رفع اليدين لا ينبغي أن يكون إلا في صلاة الاستسقاء، ومن قال بهذا فانه تغيب عنه مسألة علمية دقيقة وهي أن قول الصحابي فيما يفيد الحصر ليس دليلا في واقع الأمر، وهذا أمر دقيق للغاية فما ورد على سبيل الحصر عن الصحابي فهو حجة عنده وليس عند غيره حجة، والذين حاولوا أن يجمعوا بين حديث أنس والأحاديث الأخرى قالوا بأن القصد من قول أنس هو المبالغة في رفع اليدين، لأنه لم ير رسول الله قد رفع يديه كما رفعهما في صلاة الاستسقاء، وقد علق الحافظ ابن حجر على من يقول بعدم رفع اليدين بأنه غلط غلطا فاحشا، وفي هذا مخالفة لأدب التضرع إلى الله.
السؤال: حديث "من تشبه بقوم حشر معهم". هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: هذا الحديث لم يرد بهذه الصيغة وإنما ورد بصيغة من أحب قوما حشر معهم. وقد ذكر الإمام العجلوني في كشف الخفا أن هذا الحديث أورده الحاكم في مستدركه بلا إسناد، كما أورده الطبراني بصيغة من أحب قوما حشره الله في زمرتهم، وهذا الحديث له شواهد منها ما أخرجه أبو داود وغيره من تشبه بقوم فهو منهم، وما ورد في حديث لما أجاب رسول الله السائل فقال له المرء مع من أحب.
فائدة: هل لهذا التشبه ضوابط: يمكن القول بأنه ليس كل تشبه مذموما، إنما التشبه المذموم هو الذي يمس بعقيدة المرء وبأصالته ويمس بهويته، لأن هناك بعض الأشياء التي هي عالمية وإنسانية ليست لجنس أو قطر معين ولا مجال للحديث فيها عن التشبه.
السؤال: عن حديث"ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله عذاب القبر". هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب: الحديث أخرجه الامام الترمذي وقال عنه بأنه منقطع الإسناد، وحكم عليه الحافظ ابن حجر بالضعف، وهناك نصوص حديثيه كثيرة عن فضل يوم الجمعة ولا شك أنه يوم مبارك مميز عن غيره من الأيام، لذا فهذا الحديث ضعيف من حيث الرواية، فإن معناه صحيح.
السؤال: "اقتلوا من لا غيره له". هل هذا حديث صحيح؟
الجواب: هذا ليس من الحديث وإنما من الكلام الذي يقال، وأنه لا يصح لا إسنادا ولا معنى، وقد شاع في الناس كثيرا.
ونجد حديث (هناك من الغيرة ما يحبها الله تعالى وهناك من الغيرة ما يبغضه الله تعالى). فالغيرة شعور فطري عند الإنسان، ولكن لهذه الغيرة ضوابط، وهو ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث. فالغيرة التي يحبها الله هي الغيرة مع الريبة، والغيرة التي يبغضها الله هي الغيرة من غير ريبة. والريبة بمعنى: فيها شك أي أن الإنسان لابد أن تتحرك نفسه إن كان في الأمر شكوك وقرائن على أن هناك أمرا ما، أما إن كانت من غير قرائن من فهي مجرد وساوس، وهي الغيرة التي يبغضها الله تعالى، مما ينجم عنه العنف والحروب والاقتتال، لذا يتعين التأكد من المرويات بالنظر إلى صحتها وفهم معانيها.
ذ. المصطفى زمهنى